كتبت / كوثر عبد السميع
نحن
على عتبة القرن الخامس عشر وليس حديث في العالم إلا عن تغيراو تجديد الخطاب
الدينى
يجب
أن نطرح سؤالًا حول طبيعة مهمة المجدد، فهل يبلى الدين، حتى يحتاج إلى من يجدده،
خاصة وأنه من الثابت أن الله عز وجل أرد أن يكون الإسلام هو خاتم الرسالات
والشرائع، إرادة دلت عليها نصوص القرآن، وأيدها ما تواتر عن الرسول، صلى الله عليه
وسلم، من أفعال.
إن فكرة تجديد الدين
موجودة في الإسلام وعند الفقهاء، ويُرجع في ذلك إلى أحاديثَ رُويت عن رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم)، أشهرها
روى
أبو داود والبيهقي والحاكم بسند صحيح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال:
""إن
الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها
روى
الإمام أحمد وحسنه السيوطي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
«إن
الإيمان يخلق (أي يبلى) في القلب كما يخلق الثوب، فجددوا إيمانكم» وفي رواية: «إن
الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله تعالى أن يجدد الإيمان
في قلوبكم». ورواه الطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك.
روى
الإمام أحمد والطبراني ، والحديث صححه السيوطي، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: «جددوا إيمانكم»، قيل: «يا رسول الله وكيف نجدد
إيماننا؟» قال: "أكثروا من قول لا إله إلا الله"»
تحصَّل
لنا من هذه الأحاديث الشريفة أن الإيمان يبلى فيجب تجديده، يضعف فتتعين تقويته وأن
الأمة تكلؤها عناية الله فيبعث سبحانه لها من يجدد لها دينها، وأن الإيمان يعالج
من بلاه وضعفه بطب موصوف لا لبس في كنهه وماهيته ووسيلته
ليس التجديد تغييرا للثابت من شرع الله، فإن أحكام الكتاب والسنة ماضية إلى يوم القيامة، دعاة العصرنة يودون لو نقصنا من الإسلام هذه الصلاة المستغرقة للوقت، وهذا الصيام المرهق للعمال، وصيرناه إيديولوجية بلباس عصري، لا نرتاب أن الاجتهاد ضروري لتكييف حياة العصر مع شرع الله، فهو تسليم العصر لا عصرنة الإسلام ذكر السيوطي في جامعه الصغير: “المراد بتجديد الدينِ تجديد هدايته وأَحقيته، ونفيُ ما يُعرض لأهله من البدع والغلوّ فيه إن هذا القولِ وغيره من أقوالَ الفقهاء القدماء تَرى بمجملها أن تجديد الدين يعني تطهيره من كل أدناس الجاهلية، وجلاء ديباجته حتى يشرق كالشمس ليس دونها غمام
وعلى ذلك فالتجديد المشروع هو إعادة الدين على النحو الذي كان عليه زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإعادة الناس إليه على النحو الذي مضى عليه أهل القرون الثلاثة المفضلة، فيُنفى عنه تحريف الغالين والمبطلين وغلو المتنطعين وتفلت الفاسقين، ويعود الناس إليه بالقبول والتلقي، والانقياد والتسليم، والتصديق والاتباع، والتوقير والتقديم، والفهم والالتزام والتطبيق.
نقول كما قال القائل إن هذه الأفكار هي دخن دخل في أنوف أصحابه ليخرج من أفواههم كما نرى تحريفاً للدين باسم التجديد، ويُقدم الكفر بعينه بعد تسميته إسلاماً، لذا فإن علينا أن نفضح هذه الأفكارَ ونُبَيِّنَ أن ليس لها علاقة بالإسلامِ وإنما هي تحريف للإسلام، وعلينا أن نتمسك بالحق وندعو الأمة للالتزام به، والابتعاد عن الكفار والركون إليهم، قال تعالى: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) [هود 113]، وقال تعالى: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) [الحديد 16]
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق