كتب / ا . محمد مأمون ليله
الوفاء أشدّ ما يزعجنى ويحزنني حين يقسو علىّ من أُحبه، ومن أدخلْته قلبى وآويتُه ، وأسكنتُه وأطعمتُه، ونصحتُه وسددتُه.
يا له من شعورٍ غريبٍ حين يتنكَّر لك حبيبك، ويتجهَّم فى وجهك صديقك، لظنونٍ ظنَّها، وخيالاتٍ ابتدعها،ولو كان الأمر كما يَظنُّ فما بمثل ذلك تكون الأمور، وتعالج السموم. ما كان الرفق فى شيئ إلا زانه، ولا نُزع من شيئ إلا شانه، وما عُهدَ عنى إلا النصح، والخير والبر، فإذا زلّتْ قدمىّ إذا زلّتْ، فمن يأخذ بيدي إلى الطريق إذا تخلّتْ. أتحسبنى صيدًا سهل المَنَال،تصطادنى كلمة، تأسرنى بسمة، تعجبنى مِشْية، ما علمتَ إلى الآن صديقك، وصاحبك وخليلك، فاللهَ اللهَ في صاحبك، لا تُحمٍّله من الأمر ما لا يطيق، ولا تحزنه فهو نعم الصاحب والصديق. قد تّمرُّ بك أوقات صعاب، ومحن وأزمات، وكَبَوات وكربات، وشدائد وامتحانات، ثِقْ تمامًا حِينها أنه لن يقف معك إلا المحبّ، ولن يُخفِّفَ عنك إلا المخلص الوفي، ويوم تتخلص منها تشعر بقِيمته، وتحمل جَمِيله على الرأس وتتأمل ظلَّه ومحاسِنَه، وتدرك حينئذٍ أن المحبةَ أفعال لا كلام، وأعمال لا أقوال، ووالله إني لأُقابلُ من خدمني في يوم، أو أعانني على شيئ، والقلب يهفُو لتقبيل يديه، والجلوس عند قدميه، فما بعد الإحسان إلا إحسانٌ مثله، وما بعد الإكرام إلا حمله وردّه، فاحملوا الوفاء بصدق، واصنعوا المعروف بكل ودّ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق