بقلم / فاطمة البديوي
عن معقل بن يسار رضى الله عنه،عن الرسول (ص)قال :( العبادة فى الهرج كهجرة
الى )وقد ذكرت سابقا ان الهرج هو القتل والمراد منه هنا الفتنة واختلاط الأمور على
الناس ،وانشغالهم بالدنيا،فمن ظواهر آخر الزمان انشغال الناس بدنياهم،وقلة
عبادتهم،وأن أجر العبادة حين يقل العابدون أكبر من أجرها عند
كثرة العابدين .
وللهجرة فضل عظيم ،فهى خروج من المال والأهل والوطن،ابتغاء مرضاة الله
،وهىتمسك بالدين أمام الوعيد والتعذيب ومحاربة الأعداء الأشداء،ثم هى جهاد
فى سبيل الله فهل هناك ما يعدلها فى الأجر؟إن الإسلام بدأ غريبا،وسيعود
غريبا
كما بدأ،وإن آخر الزمان سيكثر الهرج والقتل والكذب والخيانه والجهل والفحش
والزنا،وسيصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر،فما أشبه الليله
بالبارحة،
وما أشبه العبادة والتمسك بالدين بالعبادة فى أول الإسلام وبالهجرة إلى
رسول الله
(ص)فرارا بالدين،ونصرة لله ولرسوله،ومن هنا صدق الحديث الشريف (العبادة
فى الهرج،كهجرة إلى)والمتمسك بدينه فى آخر الزمان ،كالمتمسك بدينه فى أوائل
الإسلام.
فالدنيا سجن المؤمن،وجنة الكافركما قال رسول الله (ص):( الدنيا سجن المؤمن
و
جنة الكافر).فالدنيا لاتساوى عند الله جناح بعوضة،وهى أهون على الله من جدى
ميت على الناس،وما يعتز به ابن آدم من مال وأملاك وبنين،سيتخلى عنه يوم
يموت،ولايبقى معه إلا عمله،وكل ما يجمعه،ويجرى وراءه لن يأخذ منه إلا لقمة
يأكلها،أوخرقة يلبسها،ثم يتركه إلى الورثة،محبين له أومبغضين،فليضع جزءا
منه للصدقات وأعمال البر لينفعه يوم القيامة،فعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال:قال
رسول الله(ص):( يتبع الميت ثلاثة.فيرجع اثنان ويبقى واحد.يتبعه أهله وماله
وعمله.فيرجع أهله وماله وعمله.فيرجع أهله،وماله.ويبقى عمله).
وحينما قدم أبوعبيدة بن الجراح من البحرين فسمعت الأنصار بقدومه فوقفوا
صلاة
الفجر مع رسول الله(ص).فلما صلى رسول الله(ص)انصرف.فتعرضوا له.فتبسم
رسول الله(ص)حين رآهم.ثم قال:( أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشىء من
البحرين؟)فقالوا:أجل.يا رسول الله!قال(فأبشروا وأملوا ما يسركم.فوالله!ما الفقر
أخشى عليكم.ولكنى أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان
قبلكم.فتنافسوها كما تنافسوها.وتهلككم كما أهلكتهم).فإن الوالد المشفق،إذا
حضره
الموت،كان اهتمامه بحال ولده فى المال،فأعلم صلى الله عليه وسلم أصحابه
أنه،
وإن كان لهم فى الشفقة عليهم ،كالأب،لكن حاله فى أمر المال، يخالف حال
الوالد،وأنه لايخشى عليهم الفقر،كما يخشاه الوالد،ولكن يخشى عليهم من الغنى،
الذى هو مطلوب الوالد لولده.
عن خالد بن عمير العداوى قال:خطبنا عتبة بن غزوان .فحمد الله وأثنى عليه ثم
قال:أما بعد فإن الدنيا قد اذنت بصرم وولت حذاء. ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإتاء.
يتصابها صاحبها. وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها. فانتقلوا بخيرما بحضرتكم.
فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفة جهنم. فيهوى فيها سبعين عاما لا يدرك لها
قعرا. ووالله! لتملان. أفعجبتم؟ ولقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة
مسيرة أربعين سنة. وليأتين عليها يوم وهو كظيظ من الزحام. ولقد رأيتني سابع سبعة
مع رسول الله (ص). ما لنا طعام إلا ورق الشجر. حتى قرحت أشداقنا. فالتقطت بردة
فشققتها بيني و يبن سعد بن مالك. فاتزرت بنصفها, واتزر سعد بنصفها. فما أصبح اليوم
منا أحد إلا أصبح أميرا على مصرمن الأمصار. وإني أعود بالله أن أكون في نفسي عظيما
وعند الله صغيرا. أنها لم تكون نبوة قط إلا تناسخت, حتى يكون آخر عاقبتها ملكا.
فستخبرون وتجربون الأمراء بعدنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق