بقلم / مني توفيق
ولد جاسر من أم وأب لم تعرف الرحمه قلوبهما وصل جاسر لسن تسع سنوات فعرف
طريق الشارع ،يدور الشوارع بحثا عن طعام يأكله كانت تغريه الشوارع الذى يسكن فيها
الأثرياء لعله يجد فى زبالتهم ما يسد رمقه, وشجرة يستظل تحت ظلها عاش حياته الى ان
وصل سن الثانيه عشر فاستيقظ على أصوات عالية وناس تجرى شمالا ويمينا فاختباء وراء
عربة ظنا منه انها شرطة البحث عن المتسولين تقبض عليهم ولكن الصوت بدأ يعلو فخرج
من مخباْ ه ووجد رجالا ونساء واطفالا وشيوخا تمشى بسرعة واحدة كا ن لديهم موعدا مع
اشخاصا ما ووجههم تشع نورا وأيدهم متماسكة يهتفون بنداء واحد الله اكبر والشرطة
تستخدم أسلحة فتاكة والناس تسقط فى الشوارع, فظن أن إسرائيل دخلت بلاده فذهب مسرعا الى امه وابيه وارتمى فى
حضنهما فوجد لأول مرة حضن دافىء فرقرقت عيناه بالدموع وانتزع الحقد من قلبه حيث
إنه عندما يرى طفل فى مثل سنه يلبس ملابس جميلة فى صحبة والديه كان ينظر اليه نظرة
حقد وفى لهفة بعد سكوت عميق سأل والديه ماذا حدث أدخلت إسرائيل بلدنا؟!! فقال له
والده لايبنى إنها الثورة إنها طوق النجاة إنها الحريه الذى أخذنا نبحث عنها طيلة
ثلاثين عاما قال ما معنى ذلك؟ ما الذى تقوله؟ لقد وجدت الشرطه تقتل الناس ولا تفرق
بين إمراه وطفل وبين شاب وفتاه ولا بين كبيرا وصغير إنها غزه وهؤلاء هم زبانية
الاحتلال فقال أبوه لايابنى إنها شرطة مبارك الحارسه لشخصه وولائها دائما له ففتح
جاسر التلفزيون فوجد صورة النيل الهادىء فقال ما هذا؟ إن الصوره مختلفة الشارع غير
ذلك فقال له أبوه إنه التلفزيون أيضا تابع له فقال له الطفل كأنك تقول لى ان مصر
كلها من اقصاها الى جنوبها تابعة له قال
الوالد نعم يابنى إننا نعيش ذلك منذ زمنا بعيد فقال له الأبن هيا بنا نشارك الناس
ويجرى علينا مايجرى عليهم ولم ياخذ والده أدنى تفكير فى الأمر فقال له هيا يا بنى
نأتى بالحريه بأيدينا حتى تسمع الدنيا صوتنا بعد حبسه سنوات فخرج جاسر وأبوه الى
الشارع لايعرف والده ما الذى يمكن ان يحدث واخذ طول الطريق يرسم مستقبل أولاده
الذى قصى عليهم هو وزوجته بسبب الفقر ومشى مع الناس يهتف مثلهم الشعب يريد اسقاط
النظام وهو لايعرف معنى كلمة نطام ولكنه يرددها بصوت عالى وفى عينيه نظرة أمل
ولسانه حر طليق ينطق ما يشاء من الكلمات ورجليه لايشعر بألامهم مثل الماضى وقلبه
كاد يتوقف من فرحة عارمة كأن الحزن كان
المسيطر الوحيد على قلبه إلا أن وصل إلى ميدان التحرير ووجد مجتمع غير الذى عرفهم
فى حياته يقتسمون لقمة العيش معا لافرق بين غنى وفقير كلن يخاف على بعض الإبتسامة تعلو وجوهم ورأى جاسر أن الشمس بدأت
تغادر لترسل القمر ليحتل مكانها وتودع الناس بإبتسامة عريضة ويأتى القمر لينير المكان والناس لاتغادر المكا
ن وإزدادوا اصرارا كإن طقس يناير لم ينل من أجسادهم واذا
شعروا بالبرد فحرارة أجسادهم تدفىء بعضهم
البعض وظل الحال إلى يوم الحادى عشر
سنة 2011تاريخ لايمكن أن ينساه المصرين
وسوف تتداوله الأجيال محفور فى القلوب رجع جاسر وأبوه الى منزلهما وكأنهما كان فى
روضة الجنة لايصدقون هذا التسلسل اليومى كل شىء تغير لقد أصبح الهواء نقىء الناس
تبتسم تساعد بعضها البعض إلا أقلية دخلوا جحورهم يرتبون أوراقهم إنهم الفاسدون
الذين إعتقدوا أن أبراجهم العالية لايمكن إختراقها وأن أموالهم سيرثها أجيالهم
إنهم فوق كل الناس حتى قبورهم بنوها بعيدا عن أعين الناس حتى لاتصل إيديهم اليها
.
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق