هل المرأة أكثر عرضة للاضطرابات
النفسية من الرجل ؟
كتبت / كوثر عبد السميع أحمد
يبدو
أن الرأى القائل بأن المرأة أكثر عرضة للمرض النفسى ليس صحيحاً ، وإن كان صحيحاً
فى كثير من الحالات ، فقد وجد أن المرأة قبل المراهقة تكون أقل عرضة للاضطرابات
النفسية ذات الصلة بالنمو العصبي ، ولكن إذا تتبعنا المرأة فى مراحل نموها التالية
نجدها تمثل غالبية المرضى النفسيين من حيث احتياجهن للرعاية النفسية أو احتياجهن
للعلاج بالأدوية النفسية وقد بينت معظم الدراسات ازدياد نسبة الاضطرابات النفسية
فى النساء خاصة الاضطرابات النفسية البسيطة ..وهناك بعض الاضطرابات التى تكاد تكون
أكثر التصاقاً بالمرأة مثل اضطرابات الأكل (فقدان الشهية العصبى والبوليميا ) ، فى
حين أن إدمان الكحول والمخدرات يكون أكثر التصاقاً بالرجل .
ويبدو
أن ارتباط المرأة بالاكتئاب هو الأكثر وضوحاً فقد وجد بايكل (Paykel, 1991) أن نسبة
الاكتئاب فى المرأة هى ضعف النسبة فى الرجل ، وقد تأكد هذا الباحث أن هذا الارتفاع
فى الإصابة بالاكتئاب ليس راجعاً إلى " سلوك البحث عن المساعدة " الذى
تتسم به المرأة ، أي أن هذه الزيادة حقيقية وليست ناتجة عن مجرد اختلاف فى درجة
القبول بالمرض النفسى ومحاولة البحث عن علاج له . وقد وجد أن تلك الزيادة فى الإصابة
بالاكتئاب تحدث فى النساء المتزوجات وفى السن من 25 إلى 45 سنة والذين لديهن أطفال
مما يرجح أن يكون للعوامل الاجتماعية دور مهم فى أحداث هذا الاكتئاب .
ولا يتوقف الأمر عند الإصابة بالاكتئاب بل إن
كون المريضة امرأة يمثل عامل خطورة فى تحويل الاكتئاب إلى حالة مزمنة .
وهناك
خلاف حول مدى ارتباط انقطاع الدورة (وما يسمى بسن اليأس) بالاضطرابات النفسية ففى
دراسة حديثة نسبياً وجد أن هناك زيادة فى الأعراض النفسية (التى لا ترتقى بالضرورة
لدرجة الاضطرابات النفسية) فى الفترة التى تسبق انقطاع الدورة وبعد العمليات
الجراحية التى تستأصل الرحم والمبيض ، ومع الأسف فإن العلاج بالهرمونات يحسن
الحالة الجسمية والجنسية للمرأة ولكن تأثيره على الحالة النفسية ضئيل .
إذا
كانت المرأة سيئة الحظ مع الاكتئاب فإنها تبدو أحسن حظاً مع الفصام (الشيزوفرينيا)
حيث وجد أنها أقل إصابة بهذا المرض من الرجل ، إضافة إلى أن طبيعة المرض تكون أقل
واستجابتها للعلاج تكون أفضل ومآل المرض عموما يكون أفضل مقارنة بالرجل ويبدو أن
هذا يرجع لاختلافات جينية تؤدى إلى اختلافات فى الحساسية للدوبامين .
هناك
نقص واضح فى الدراسات والأبحاث الميدانية المحلية الخاصة بمشكلات المرأة النفسية ،
ومعظم الجهود العلاجية فى مصر والوطن العربى تستند إلى نتائج دراسات غربية تختلف
كثيراً فى الظروف ونمط الحياة ، ولا نجد دراسات كافية للحالة النفسية للمرأة
العقيم .
ومن هنا تكون رؤيتنا غير ملمة بتفاصيل هذه
الأشياء الهامة ونكتفى فى حكمنا بالملاحظات الاكلينيكية والانطباعات الشخصية .
لذلك
أصبح من الضرورى الآن إنشاء تخصص نوعى لـ " طب نفسى المرأة " على غرار
"طب نفسى الأطفال " و " طب نفسى المسنين " ، ويكون لهذا الفرع
وحداته وعياداته ودراساته
وأبحاثه .
وأبحاثه .
وهذا لا يعنى اعتبار المرأة كأقلية خاصة أو فصل
مشاكلها عن المشاكل النفسية العامة وإنما يساعد على تركيز الأضواء والجهود على
المشكلات ذات الطبيعة الأنثوية الخاصة
وقد
سبقني الغرب في هذا التخصص كالكلية الملكية للأطباء النفسيين بانجلترا أنشأت الفرع
الخاص بالاضطرابات النفسية لدى المرأة وكونت
مجموعة خاصة للقيام بالأبحاث اللازمة لهذا الشأن بداية من عام 1995 .
واهتموا
بالمؤتمرات في هذا الشأن تم عقد أول مؤتمر دولى عن " المرأة والصحة النفسية
" فى معهد الطب النفسى فى انجلترا عام 1970 ، ومازال يعقد كل عام منذ ذلك
التاريخ .
ويضاف إلى ذلك المؤتمر الدولى عن المرأة والذى عقد
فى بكين تحت رعاية الأمم المتحدة لمناقشة قضايا المرأة فى جوانبها المختلفة وذلك
بهدف تحسين نوعية حياة المرأة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق